by Moustafa Mohamed Hussein
Published on: Jun 16, 2005
Topic:
Type: Opinions

منذ أوائل العام الحالي 2005، وبدأت الأصوات تتعالى تطالب الرئيس مبارك بالإصلاح السياسي في مصر مطالبين بتغيير الدستور لتتم عملية انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع بدلاً من الاستفتاء وأيضاً يتم تحديد عدد مرات الولاية للرئيس وإلغاء قانون الطوارئ.
وخرج الرئيس مبارك بعدها في كل التصريحات بأنه لا تعديل في الدستور في الوقت الحالي وحتى إجراء الاستفتاء على الرئيس.
وفجأة وبدون أي مقدمات قدم الرئيس مبارك مبادرة سياسية هامة وهي طلبه من مجلس الشعب تعديل الدستور ليتم إجراء انتخابات على رئيس الجمهورية بدلا من الاستفتاء وتخضع الانتخابات للإشراف القضائي.
لقد كانت مفاجأة لكل الأوساط في مصر وكيف حدث هذا؟ بالطبع قام أنصار الرئيس والحزب الوطني بالتهليل والهتاف بحياة الرئيس والمطالبة بإعادة انتخابه وتقبلت المعارضة والمثقفين المصريين المبادرة بترحاب حذر فقد كانت لها بعضاً من الجوانب التي تخفي على الناس منها:
1- طلب الرئيس تغيير المادة 76 من الدستور ولكن ماذا عن المادة 77 التي تحدد عدد مرات الولاية للرئاسة؟ لم يتكلم عنها أحد.
2- تقرر أن يتم عمل القانون الخاص بشروط الترشح لمنصب الرئيس في شهر مايو 2005 وتُجرى الانتخابات في شهر سبتمبر 2005، فكيف يتسنى لأي مرشح تحضير برنامجه الانتخاب؟
3- كيف تتم الانتخابات الرئاسية تحت الإشراف القضائي الكامل في يوم واحد؟ فمن المعروف أن عدد القضاة في مصر هو 8000 قاض وعدد اللجان الانتخابية 50000!!
وماذا تفعل المعارضة الآن؟ فقد تعودت المعارضة على الكلام فقط طوال خمسين عماً مضت منذ الثورة في عام 1952، فالمعارضة بسبب ما تعرضت له طوال هذه السنين لم تهتم بتربية أي كوادر لديها قادرين على تولى السلطة وحتى ما لديها الآن هم بعض الشيوخ كبار السن. فقد فقدت المعارضة الأمل طوال هذه السنوات، فهي الآن مطالبة بمواجهة هذه المبادرة وإظهار ما لديهم من كوادر تصلح لتولى منصب الرئاسة. إذن هو مأزق صعب للغاية!
وتطور الوضع في مصر بسرعة شديدة فقد كانت هناك ثلاث عمليات إرهابية قام بها شباب في سن العشرين مستهدفين الأجانب في مصر وتبقى السؤال لماذا يقدم هؤلاء الشباب على ذلك؟ هل هو الاحتقان السياسي؟ ولماذا فهناك مبادرة الرئيس بالإصلاح؟ هل هي الدوافع الدينية؟ لا أحد يعرف!! وهناك بعض الأصوات قالت إنها الحكومة التي قامت بها لتجد لها سبباً (الإرهاب) لتطلق يد الاعتقال في البلاد.
وقامت الكثير من الحركات المناهضة للنظام مثل حركة التغيير كفاية، وغيرها من الحركات المستقلة الأخرى وظهر الكلام عن الحركات التي نشأت في خارج مصر والكلام عن عمل حكومات المعارضة في الخارج، فما كل هذا؟ مصر لم تكن أبداً في مثل هذا الحال فهناك الكثير من الحراك السياسي في مصر وبدأت المظاهرات تخرج إلى الشوارع بكثرة على غير عادة المصريين، فمصر إذن مقدمة على نظام سياسي جديد.
وفي مايو قامت اللجنة التشريعية في مجلس الشعب بإقرار المادة الخاصة بالقانون الجديد لانتخاب الرئيس وتقرر أن يكون الأربعاء 25 مايو موعداً لإجراء استفتاء شعبي على المادة الجديدة. فما هي ردود أفعال التيارات المختلفة؟ الحزب الوطني وأنصار الرئيس طالبوا الشعب بالتصويت بالموافقة وقام التليفزيون الحكومي بشن حملة قوية في كل القنوات من أجل هذا الغرض وانتج أغنيتين مصورتين عن مصر. المعارضة وكفاية وحزب الغد والإخوان المسلمين طالبوا بمقاطعة الاستفتاء.
وجاء يوم الاستفتاء كما أطلق عليه الناس الأربعاء الأسود حيث تم الاعتداء على المعارضة في مظاهرتهم السلمية وتم الاعتداء الجنسي على الصحفيات وكان بالفعل يوماً أسوداً. وخرجت النتائج مضحكة مبكية، فقد تم الموافقة على التعديل بالنص الجديد بنسبة 82%، علماً بأنه كانت نسبة المشاركة 53% وعدد المقيدين في الجداول الانتخابية 35 مليون مواطن.
فما يحدث في مصر الآن لن يستمر طويلاً فالتغيير آت لا مفر ولكن متى وكيف، هذا هو السؤال!!

« return.