by lama
Published on: Mar 24, 2010
Topic:
Type: Short Stories

وللحلم بقية

أيعود البشر يوما إلى رحم الأمهات .
أما زال القدر يطبق فيهم غيبه، انه لن يدفن في ارض الوطن،
من خرج منهم إلى الشتات.
شيوخ قد تجاوزوا السبعين، خرجوا منه فتية، لم يأكل عليهم الدهر بعد.
خرجوا من الوطن ،ولم تتقدم بهم أعمارهم، ما زالوا فتية ،
كل ما لديهم في الوطن الذكريات.
خرج الفتى ليترك ارض الشتات خلفه، ليبحث عن شتات جديد.
استفاقت الشمس متأخرة، لأنها عاهرة، تتمتع في أحضان الليل.
خرجت على الفتى،وهو جالس على تله، والشتات خلفه، كما ترك الوطن.
خرجت عليه بوجهها الفتان، بعد أن تركت حيائها حيث كانت.
فستدار الفتى، يخاطب الفجر معها
ليس لك الحق بان تعاقبني بذنب غيري.
أبي ألا يكفيه انه ليس في الوطن، بأي ذنب قد مات0
فتملكته رغبة أكيدة في البكاء، بعد أن رأى شبح رجل عجوز في قرص الشمس ، يسير باتجاهه، وظله ممدود على الأرض ،حتى يصل تحت قدمي الفتى .
استدار الفتى ليبكي، وتقدم ظل العجوز، كأن الشمس ترسله فتعود به إلى الفتى كلما ارتفعت الشمس.
ليظل الظل عند الفتى .
شعر الفتى أن العجوز اقترب، بعد أن قصرت كل الظلال، واستوت الشمس على عرشها في السماء.
كفكف الفتى دموعه ، واجبره الفضول أن ينظر إلى العجوز.
عجوز يرتدي ثوبا من القماش الأبيض، فيه الحضارات الاثريه للعرب مجتمعين.
دخلت ثوبه كل الألوان عنوة، لكي تسد الثقوب، ولم يبق فيه متسع للون الأبيض .
كأنه رجل من البادية ،ووجه الوردي صخرا من حضارة الأنباط ،لم يجري عليها دجلة، والفرات، والنيل
وفوق كل هذا عمامة ،كأنها تاجا لأحد ملوك الفراعنة، تباهي بجمالها الحدائق المعلقة، وحضارة بابل .
وسيقانه كصحراء الكبرى، لا ترحمها الشمس من أشعتها، ينتعل في قدميه حذاءا من النفط الخالص، ليجوب به كل موانئ الوطن العربي.
يحمل في يمنه عصا هي أقدم ديانات البشر .
كأنها عصى موسى يتوكأ عليها وله فيها مأرب أخرى إذا ضرب الحجر
أفلا يرده كل هذا للوطن
واصل العجوز اقتلاع خطاه من الرمل وقد أثقلها بعده عن الوطن
رست به قدميه عند الفتى ودون إن يطلب الإذن بالجلوس جلس وبدت في يمينه صرة محكم إغلاقها بخيط كأنة صمام لقنبلة يحدق فيها الفتى ثم أشاح بصرة عنها يحدث نفسه لا تغني وان كانت كنزا من كنوز الأساطير
العجوز ............... يا بني هناك أمور لا يفهمها المرء بعقله ولكنه يدركها بحسه الداخلي ولكنك لن تعود
الفتى .................. سأعود ............... عجوز جبان
العجوز ............. ولكنك فتى جريء وأشار إلى الصرة ......... هذه من تراب الوطن
الفتى ............. وهل قبلتها عوضا أم هي حصتك ............. عجوز جبان
العجوز ............... من أنت لتحكم علي بموتي وشق ثوبه عن صدره ليتدلى منه مفتاح معلق بسلسلة من حديد وكأنة الصليب أو شعارا لدين جديد تهتز له عروش الملوك
الفتى ............ لن يعيدك المفتاح لشبابك أو للوطن ............ عجوز خرف
العجوز ......... يا بني قد كبرت نعم ولكن ليس إلى حد الخرف
إما عجوز جبان فهي اهانة للوطن فأنا في النهاية تراب من ترابه ولمك اجبن في شبابي ولكنها
قسوة القدر
يا بني لا مشيأتا لاحتلال نحن من يشاء ولا مشيأ لنا إذا القدر شاء
يا بني يفرح الوطن بشبابه ولن يفرح شبابك به وكل ما بقية من الدهر يومان يوما سيعود فيه الوطن واليوم الثاني فيه أنت لن تعود
رفعت الأقلام وجفت الصحف فبذور العودة في الشتات ولكن الصحراء عاقرة فانا نحتاج إلى جنة كي تجلس على العرش
لقد كان هناك اثنين أنا ثالثهما
مجد منشود وقد مات
ووهم للحرية وقد خان
وحقيقة الروح ملأت نفسي
اقسمنا للعلم عهدا لن يخون .................. أننا لن ندفن موتانا........... ولو جاء ألف احتلال لتزداد قتلانا .........وضاع صدى صوتي سدى
يا بني ليس لديك من الوقت الكثير لتكمل فيه البكاء أدلك على اقرب قبر للوطن يبعد مسافة ألف ضمير عربي هناك دفن ستجد نفسك في خيمة نصبة بلون العلم
من خلفه شعب سلاحهم الكفن........... وقوتهم الصبر .............. وضيفهم المحن ............والقبر عليه الدليل
الفتى ........ غالى أين اتجه أو يكون القبر في الوطن
نهض الفتى وقد ترك الوطن خلفه ليبحث عن القبر وبدأت علامات الطريق تتضح
وبرزة الخيمة للناظرين غير بعيد
جلس الفتى يخاطب القبر انهض ولك علي أن لا اسكن مكانك صوت من الخلف أليس لديك غير مخاطبة القبور
نظر الفتى الصوت بصبر طويل وقال ............أفنيت زمانك وزماني
وهم الحرية ......... من شاء أن يعود للوطن هكذا قتلوه والقلم الذي تركته العودة من اجله بل من اجل أن يحيا الشعب بفكره ولا أريد العودة وحيدا
الفتى إذا ابحث لك عن شتات يغنيك بقتل الوطن في داخلك
وهم الحرية ......أريد أن أعود بهم
تخيل معي كل من في الشتات نقلو الخيام إلى أمام احد السفارات أو أمام احد قصور الملوك
أم تنظف صحون الطعام بالماء والصابون
والد يدرس أبنائه في الشارع
شاب يجلس مع أصدقائه و قد أشعل الموقد ليصنع كوبا من الشاي
عجوز في غفوة تحت أشعة الشمس
أطفالا يلعبون كرة القدم على الرصيف
يعشون حياة طبيعية ولا يفكرون بالانتقال من أمام المبنى إلا إلى الوطن
وقد جاء من بعيد العجوز حقيقة الروح ......... كنت اعلم ولكن لم يكن بيدي شيئا اعمله إلا رجمك بالخيانة كي اشحذ قلمك ويعانقه
الفتى.......... لم اعد افهم أي شيء
العجوز ........ قلت لك سابقا أن هناك أمور لا يدركها المرء بعقله لكن يدركها بحسه الداخلي
الفتى......... بالأمس خائن واليوم عناق ونعم .............. وبالأمس ثوري واليوم رجل عادي في الشتات
ترك الفتى كل شيء وتحرك إلى المكان الذي يجد فيه القلم ليخاطبه ........................................................
............... أرجوك أيها القلم........... بقدسية حبرك .............. وحرية رأيك ................و بصدقك مع الجميع ........ أخرجني من هذه القصة ................... كفى ................... أرجوك كفا
الفتى ............ وطن قتيل
...............وشعب مشرد
...............احتلال وسياسات
..............حبر وأوراق ................ قرارات دولية ........... حقائب دبلوماسيه ........سيارات ........طريق موصول إلى السفارات........أعلام ..........وأوطان .......أجناس من البشر .........ديانات ............لغات بكل اللغات ........كون بأكمله ناقل ..............كرة أرضية حامل ..............مخاض عسير..........ولادة قسرية............لشعب في الخيام.............كل ما لديهم ...............رمل و ماء ..........
شتات ولد و لن يموت
كل هذا حتى القلم أسكنني قصة في الشتات يا ليته يكتب لي قصة في الوطن
أخرجني من القصة أكتب أنني قد مت ميت في القصة خير من على قيد الحياة في الشتات
إنه الفتى ألقى كل ما لديه ثم اختفى
فكرت قليلا ثم أتبعته القلم إلى خيمته لم يجده هناك فتشت كل الخيام فتشت الشتات كل الشتات و لم أجده
بحثت عنه في كل السطور
في كل القصص
بحثت عنه في كل اللغات
جاءني الشك يسعى
قال أن الفتى قد مات
تصفحت شواهد القبور
دخلت المقابر
سألت الميتين
الكل يتقن الصمت
سألت الشمس
قالت لم تراه
حتى أنت يا شمس الكونين
ضللت خطاه
طفت البلاد
يا شمس النهار
عبثا تحاولين
حتى القمر في دجاه
وكل مدا تخطى مداه
لم يبقى سواه
هناك
هناك
في الوطن


« return.