by Wiaam Youssef
Published on: Dec 21, 2008
Topic:
Type: Opinions

لاجئون في وطنهم ومهددون من قوى خفية قادرة على اقتلاعهم من جذورهم ووضعهم في أي مكان إلا أماكنهم التي عرفوا فيها طفولتهم. نزحوا واستأثروا الخيام على بيوت باتت الآن خاوية إلا من ذكرياتهم، وهنا لا أقصد أي قوى عسكرية أو تهديدا إرهابياً مسلحا لبلدنا أو أي بلدان مجاورة بل أشير لمشكلة أهالينا في حوض الفرات والمنطقة الشرقية.
جفت أراضيهم وماتت محاصيلهم وقد يستشري الموت قريباً لتربتهم فتضحي بوراً بعد أن كانت مناجم لمحاصيل من ذهب. هاجروا قسراً عن أوطانهم وميراث آبائهم بحثاً عن قوت لهم ولأولادهم ، راسمين خطى متفائلة نحو مصادر عيش جديدة، لست بصدد طرح مجاعات وجفاف العواصم الأفريقية في ظل الأزمة المالية العالمية، ولكنني وببساطة أصف مشكلة محلية تخص إخواننا وأقراننا على امتداد جزيرتنا السورية.
"فلان العقيد المتعاقد "معرفاً بنفسه ،هو أحد الأشخاص الذين صادفناهم في رحلتنا للبحث عن مصادر تغني موادنا الصحفية عن واقع التغيرات المناخية في سورية، بالقرب من دمشق ومن منطقة دوما تحديداً(حارة الديرية) كانت البداية، عرفنا السيد العقيد السابق وأحد القاطنين القدامى في تلك المنطقة بالعشرات من الخيام المتناثرة هنا وهناك و شاركنا بمعلومات عن المئات منها في أماكن مختلفة على أطراف دمشق وريفها . بدأت هذه التجمعات السكانية تتزايد مع موجات جفاف أثرت على قطاع المياه في شمال شرق سورية لأعوام قليلة مضت أحرقت محاصيل مزارعيها وحرمتهم من الغلال السنوية مما أدى لتشريدهم وشتات عائلاتهم .
قد سمعنا عن هذه القضية قبلاً ولم يتسنى لنا معاينتها حتى اليوم، والفضل كله يعود لمنحة أوروبية دنماركية. هذه القضية المبعدة عن الساحة الإعلامية والمغفلة الذكر في وسائل الإعلام المحلية والدولية لربما تجد طريقها اليوم للنور ولاهتمام أفكاركم.
شح في المياه وتفاوت درجات الحرارة بين ارتفاع وارتفاع بالإضافة إلى تناقص ملحوظ في معدلات هطول الأمطار لم يمنح نهر الخابور( أحد روافد نهر الفرات) فرصة للنجاة ولا حتى بنسب ضئيلة ليروي تلك الحقول والمزارع الممتدة على أطرافه، حيث باتت ذكريات تدفقه حلوة لمرارة واقع الجفاف الأليم الذي فتك بقلب جزيرتنا وأرداها طريحة لآلام بلا أطباء. تقودنا تلك الحالة لاستقصاء وأسئلة واعتبارات جديدة لموضوع بات في غاية الأهمية ألا وهو الاحتباس الحراري وبشكل أوسع التغيرات المناخية .
لم يعد غائب على أحد منا بأننا نتعرض لهذا الخطر المناخي المتقلب المزاج و بأن تأثيره بات ملحوظاً ومقلق لنا ولهؤلاء الأهالي النازحين بالآلاف من صحارى كانت في الماضي تتوهج اخضرارا. ولعلنا مدركين بأن هذا التأثير السلبي للتغيير المناخي سيمتد ليشمل معظم مناطقنا و في وقت قصير سيؤثر على غوطتنا فهم "السابقون ونحن اللاحقون" كما سيؤثر على واقعنا ومستقبلنا الذي بالكاد نجد فيه فرص عمل ، وكيف سيكون الحال في مكان تقل فيه الفرص و تتزايد فيه الكثافة السكانية، عدى ذلك تلك الأزمة الإنسانية الحقيقية، ذلك إن أغفلنا الطرف عن محاصيل القمح تلك المنطقة والتي لطالما كانت أحد روافد الدخل السوري القومي وهو.
لربما قد حان الوقت لنولي هذا الموضوع أهمية أكبر باعتباره أزمة حقيقية ، تعيق التنمية والتقدم، و لعلنا غير مدركين بأن عدم ذكر هذه الأزمة لن يقلل خطرها و التعديات التي قد تتبعها ..



« return.