أنا وصديقي .. من قلب الحقيقة ونبضها الحي



يظن صديقي ان دروب الحياة قد أوصدت وطرقها أغلقت ، وأن لا أمل في شيء ما..ونسي ان الله في الحياة خلق الأسباب .. وقدر فيها أقواتها وجعلها أذل مما يظن ..
كان حزينا ..مطرقٌ رأسه.. يحتل مساحة وجهه وجوم بائس .. يلتفت فلا يجد إلا وجوه ساخرة وابتسامات صفراء
التفت إليه وقلت دع ما أنت فيه الآن من هم ..ابتسم فقط ..هي الحياة هكذا يا صديقي ..كلما عَبست عَبَسَت وكلما ابتسمت ابتسمت ..
بدأت تنفرج أساريره .. الكلمات القوية المتفائلة تنعش الوجدان والروح وتفتق التفكير وتزيد من قدر المرء على مواجهة ما يعتريه ..إنها تحيل المستحيل إلى شيء تافه ..سهل ..بسيط..
قلت له يا صديقي القدرة على طرق أبواب تظن أنها عصية على أن تفتح ينبع من إحساسك أن هذه الأبواب مفتوحة مشرعة ، وأن ما تراه مغلقا يحمل في طياته أشد قابلية الانفتاح .. ما تراه يحتاج منك إلى طرقة واحدة أو طرقات ثلاث كأقل ما يمكنك القيام به ..ستجد أنها عند ذلك فتحت..
الأمور بسيطة يا صديقي ..تحتاج فقط إلى أن تتفاءل ، أن لا تلتفت إلى ما يقال ..أن تكون مرنا إزاء ما يحاول اعتراضك ، وقوي جدا ..وأنا على ثقة أنك كذلك..
شدته الكلمات ..كأنه يستمع إلى إيقاع فريد ..آخر لم يسمعه من قبل ..سيمفونية عذبة أبهجت روحه .. أحس بأن الطقس الكئيب بدأ يتبخر من أوصاله العاجزة.
حين رأيت وجهه بدأ يشرق ..استرسلت في حديثي إليه:
تستطيع بقليل من الحركة يا صديقي أن تفتح ما يبدو للوهلة الأولى صعبٌ ، وعصي ، حاول فقط أن تمارس إراداتك بروية وهدوء دون انفعال وحكم عقلك في عواطفك ..
أنظر حولك .الأشياء الجميلة يا صديقي تتوزع هنا ، وهناك، وهي تنبث على جانبي الطريق .. تمتلك ما لا يمتلكه الكثير .. صحة جيدة ..وقلم عذب سلس تتدفق الكلمة من تجاويفه كأنها أنهار عذبة، وهناك الهواء النقي لذي يدخل رئتيك ..الورد الذي يبعث بأزكى نسمات الأريج الآسر إلى أنفك.. الأصدقاء الطيبون .. الأوفياء ..كأنهم أفياء باردة ..يساندون طموحك بتقدير وثقة .. وتتعاون معهم على إنجاز ما يستحق الاحتفاء به ، وما يفيد الوطن .
أنت يا صديقي طيب .. قوتك في نقاء سريرتك ..أنت قادر على بناء الثقة والقدرة فيمن حولك ، ولديك إحساس جميل بالحياة ، وأنت ذاتك تمنح الأشياء من حولك إحساسا جميلا بها .. كن عند مستوى ظنك بالله .. وأحسن العمل وانظر الى الحياة بتوازن . وأنها خلقت هكذا وعليك فقط أن تقهر بعض ما تبديه من بؤس بحسن تفكيرك وصياغة سلوكك..
أحسست أن صديقي قد أعاد توازنه .. وأن ثمة ابتسامة كالضوء انطبعت على شفتيه ..
عند ذلك ابتسمت قائلا الحمد لله.