
كثيراً ما كتبت، ولكن! ليس بقدر ما أحس، ربما أصبتُ بمقتل قلب ذاك الأسد، أم تراني نسيتُ عتبت ذاك الزمان، أو بعدت نحو الخجل، أو ربما لم أشأ أن أصادف فتاة الغزل، لم أشأ أن أعيش ولو كان لي معنى الوجود. إن إساءة الحياة أخف من ذاك القادم من وراء الأمور، قاتل كل الدروب.
دعوني أكتب ما أحس، ولنرفع عن أنفسنا ساعة، لعل فيها دقيقةُ أمل، نستطيع من خلالها كتابة ألف معنى، فالفرصة لا تتكرر، ربما يكون هامش الزمن قليل، ولكن ! أفضل من أن لا يكون له هامش. فلنكتب ونترجم سنوات المحن، براعم الحزن، بركان دمع، ربما تناقضت، فالحياة فيها أكثر من ذلك، دعوة ربما أطلقها نحو عنان السحب، نحو ما نريد من هموم، مما يفرضهُ علينا القدر. فسبحان من صاغ الأمور وحدة، ولسنا نحن بمثل قدرته.
الفراق كلمة صعبة في قاموس الحُزن، كُلنا لا يتمناها، كُلنا لا يهواها، لا ينطقها، يُقتل فيها ألف مرة، بعيداً صاحبي عنها، مرارةُ شوقٍ جفت بها حلقي، غصت بها نفسي، قدراً خطوةُ أجلي، بعيداُ نحو اللقاء، سعياً نحو فسحةِ أمل، إلى نقطة توازي الشعور، توازن دقات القلوب، رقعةُ ساحةِ الشطرنج، توازن ورقات الكتب، نظام ما شد فيه الحبل.
تقطعت فيّ سبل النجاة، أشدت فيها المحن، بُعداً عن تناغم الأصول، جلياً فيّ ربط السطور، ضاعت مفردات المحبة من قلب الأحبة، ضاقت مترادفات الأمان من وسط الأزقة.
كل هذا الحزن بلا معنى، دعوة للبكاء، دعوة للخروج من عالم الصمت، من حالةِ الواقع المُر، مروراً عليّ صحبي فاقد الشيء، جلياً بي البعد عن الإشارة، النظر نحو العبارة، التفكيُر قبل الإجابة. فضعفُ الضمير، والجهلُ الخطير و تعب القلوب، إصابه بمقتل و إجاده بمهرب، معا نحو المستحيل، أهلاً بكل شيء خطير.
أصبحت الأشياء ضرباً من الخيال، تكرار مأساة، تشاؤم، بُعد، مشقة، ضعف إيمان.
فلتكن لحظة مودة، لا جلسةُ حزن، نعم، نحو أكيد الأمور، نحو تأكيد التناقض في البشر، لما هذا التشاؤم صحبي، هذه الجلسة. صغائرُ الأُمور، بل بارقة أمل قادمة من عنان السحاب، قد شعرنا بالخجل، بل بالحرج بعد يومٍ طويل، مُثقلاً بالهموم، قد يكون الحرج بداية الفرج بعيد المنال، ما دام النبض موجود، ومثل ربي لا أحد مقدور.الحقيقة بحاجة للجراءه نحو الأكيد، والبعد عن الحلم بحاجة للنهوض من سُبات الخيال.
نعم للأمل. نعم للسعادة. لا للتناقض. شيئٌ بداخلي يؤكد لي نهاية تلك الجلسة، نعم، لا للشعور اليائس ما دام هنالك حُب، فقط، حُب ما هو جميل، حُب الخير، فلتعش الأيام السعيدة. موتي أيام النكد، وليكن يوماً بيوم، لا لأمس الحزين، ولا لغد الغرور، أهلا بكل شيء جديد.